کد مطلب:240954 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:120

خرج علینا من وراء اکمة من هذه الآکام
روی الشیخ الكراجكی من أمالی المفید «أنه لما سار المأمون إلی خراسان كام معه الإمام الرضا علی بن موسی علیهماالسلام فبینا هما یتسایران إذ قال له المأمون یا أباالحسن إنی فكرت فی شی ء فسنح لی الفكر الصواب فیه: فكرت فی أمرنا و أمركم و نسبنا و نسبكم فوجدت الفضیلة فیه واحدة و رأیت اختلاف شیعتنا فی ذلك محمولا علی الهوی و العصبیة.

فقال له أبوالحسن الرضا علیه السلام: إن لهذا الكلام جوابا إن شئت ذكرته لك، و إن شت أمسكت؟ فقال له المأمون: لم أقله الا لأعلم ما عندك فیه، قال الرضا علیه السلام: أنشدك الله یا أمیرالمؤمنین لوأن الله بعث محمد صلی الله علیه و آله فخرج علینا من وراء أكمة من هذه الآكام فخطب إلیك ابنتك لكنت مزوجه إیاها؟ فقال: یا سبحان الله و هل أحد یرغب عن رسول الله صلی الله علیه و آله؟ فقال الرضا علیه السلام أفتراه كان یحل له أن یخطب ابنتی؟ قال فسكت المأمون هنیئة ثم قال: أنتم و الله أمس برسول الله صلی الله علیه و آله رحما» [1] .

قبل أن نأتی إلی شرح بعض كلمات الحدیث نذكر شیئا من المناظرة بین هارون و الإمام موسی بن جعفر علیهماالسلام لارتباطه بما نحن بصدده:

روی الشیخ الصدوق بإسناده إلی موسی بن جعفر علیهماالسلام فی حدیث طویل انه قال: «لما دخلت علی الرشید سلمت علیه فرد علی علیه السلام ثم قال: یا موسی بن جعفر خلیفتان یجبی إلیهما الخراج - استمرت المناظرة إلی قول هارون: -



[ صفحه 243]



ثم قال: لم جوزتم للعامة و الخاصة أن ینسبوكم إلی رسول الله صلی الله علیه و آله، و یقولون لكم: یا بنی رسول الله صلی الله علیه و آله و أنتم بنو علی و إنما ینسب المرء إلی أبیه و فاطمة إنما هی وعاء و النبی صلی الله علیه و آله جدكم من قبل أمكم؟

فقلت: یا أمیرالمؤمنین لو أن النبی - صلی الله علیه و آله - نشر فخطب إلیك كریمتك هل كنت تجیبه؟!فقال: سبحان الله كیف لا أجیبه؟ بل أفتخر علی العرب و العجم و قریش بذلك.

فقلت له: لكنه - صلی الله علیه و آله - لایخطب إلی و لاأزوج كریمتی منه قط، فقال و لم؟ فقلت: لأنه - صلی الله علیه و آله - و لدنی و لم یلدك، فقال: أحسنت یا موسی، ثم قال: كیف قلتم إنا ذریة النبی و النبی - صلی الله علیه و آله - لم یعقب و إنما العقب للذكر لاللأنثی، و أنتم ولد لابنته و لایكون لها عقب؟ فقلت: أسألك یا أمیرالمؤمنین بحق القرابة و القبر و من فیه إلا ما أعفیتنی عن هذه المسألة، فقال: لا، أو تخبرنی بحجتكم فیه یا ولد علی و أنت یا موسی یعسوبهم و إمام زمانهم كذا أنهی إلی، و لست أعقفیك فی كل ما أسألك عنه حتی تأتینی بحجة من كتاب الله تعالی و أنتم تدعون معشر ولد علی أنه لایسقط عنكم منه بشی ء ألف و لا واو إلا و تأویله عندكم، واحتججتم بقوله عزوجل «ما فرطنا فی الكتب من شی ء»، [2] و قد استغنیتم عن رأی العلماء و قیاسهم.

فقلت تأذن لی فی الجواب؟ قال: هات، قلت أعوذ بالله من الشیطان الرجیم بسم الله الرحمن الرحیم «و من ذریته داود و سلیمن و أیو ب و یوسف و موسی و هرون و كذلك نجزی المحسنین - و زكریا و یحیی و عیسی و إلیاس» [3] .

من أبوعیسی یا أمیرالمؤمنین؟ فقال: لیس لعیسی أب، فقلت: ألحقناه بذراری الأنبیاء علیهم السلام من طریق مریم - علیهاالسلام - و كذلك ألحقنا بذراری النبی - صلی الله علیه و آله - من قبل أمنا فاطمة علیهاالسلام...». [4] .

و لعمر الحق إنه الجواب الحق لووعاه واع و هكذا بقیة الأجوبة التی احتوتها



[ صفحه 244]



الروایة لولا إطالة المقام لطولها و الخروج عما نحن بصدده لذكرناها كلا و لتكمیل الفائدة نثلت الحدیثین بما عن الكلینی بإسناده إلی أبی الجارود عن أبی جعفر قال: قال أبوجعفر علیه السلام:

«ما یقولون لكم فی الحسن و الحسین علیهماالسلام؟ قال ینكرون علینا أنهما ابنا رسول الله - صلی الله علیه و آله - قال فأی شی ء احتججتم علیهم؟ قلت احتججنا علیهم بقول الله عزوجل فی عیسی بن مریم علیه السلام: «و من ذریته داود و سلیمن و یوسف و موسی و هرون و كذلك نجزی المحسنین - و زكریا و یحیی و عیسی». فجعل عیسی بن مریم من ذریة نوح، قال: و أی شی ء قالوا لكم؟ قلت قالوا: قدیكون ابن الابنة من الولد و لایكون من الصلب، قال فأی شی ء احتججتم علیهم؟ قلت احتججنا علیهم بقوله تعالی للرسول: «قل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم». [5] ثم قال و أی شی ء قالوا لكم؟ قلت قالوا: قدیكون فی كلام العرب أبناء رجل و آخر یقول أبناءنا [6] .

فقال أبوجعفر علیه السلام یا أباالجارود: لأعطیتكها من كتاب الله عزوجل أنهما من صلب رسول الله - صلی الله علیه و آله - لایرد هما إلا كافر، قلت و أین ذلك جعلت فداك؟ قال من حیث قال الله عزوجل: «حرمت علیكم أمهتكم و بناتكم و أخواتكم» الآیة إلی أن انتهی إلی قوله تبارك و تعالی «و حلائل أبنائكم الذین من أصلابكم» [7] فسلهم یا أباالجارود هل كان یحل لرسول الله نكاح حلیلتهما؟ فإن قالوا: نعم كذبوا و فجروا، و إن قالوا: لافهما ابناه لصلبه» [8] .

أبوالجارود زیاد بن المنذر. قال المحدث القمی قال شیخنا صاحب المستدرك فی ترجمته فی الخاتمة: و أما أبوالجارود فالكلام فیه طویل و الذین یقتضیه النظر بعد التأمل فیما ورد و فیما قالوا فیه أنه كان ثقة فی النقل مقبول الروایة [9] .



[ صفحه 245]



اقول حتی لوكان مردودا لأن الموضوع أبین من ذلك لایفتقر إلی الروایة بعد الدرایة فإن حلیلة ابن الرجل أو ابن بنته حرام علیه التزوج منها بالإجماع بعد نص الكتاب العزیز و السنة القطعیة، و تحریم التزوج من حلائل الأبناء مطلقا كتحریم نكاح الأم و الأخت و العمة و الخالة.

فلنعد إلی الرضوی فنقول:

قوله علیه السلام: «من وراء أكمة مه هذه الآكام» من «أكم»: تجمع الشی ء و ارتفاعه قلیلا، قال الخلیل: ألاكمة تل من القف، و الجمع آكام و أكم. و استأكم المكان أی صار كالأكمة قال أبوخراش:



و لاأمغر الساقین ضل كأنه

علی مجز ئلات الإ كام نصیل



یعنی صقرا. اجزأل: انتصب. نصیل: حجر قدر ذراع. [10] قال الطریحی: و الأكمة كقصبه: تل صغیر، و الجمع أكم كقصب. [11] و قال ابن الأثیر: فی حدیث الاستسقاء «علی الإكام و الظراب و منابت الشجر» الإكام بالكسر جمع أكمة و هی الرابیة، و تجمع الإكام علی أكم [12] و الأكم علی آكام [13] .

لا تؤثر فی النفوس الأثیمة العظات و الحقائق التی یزفها الإمام المعصوم بل و لا الكتب السماویة و رسالات الأنبیاء علیهم السلام.

و هل ارتدع الطاغیة المأمون العباسی عندما سمع جواب الإمام الرضا علیه السلام أنه أمس برسول الله - صلی الله علیه و آله - رحما و أولی من المأمون بالخلافة؟! كلا بل زاده علیه حقدا و عتوا و هل لو نشر الرسول أو خرج من وراء تل من تلال خراسان - و هو مثل ضربه علیه السلام لتجسید الحق المنسی أو المتناسی - أمام بصر المأمون و یقول الحق مع ولدی یا تری یقبل منه ذلك أو یمد فی عماه؟! شأن حب الدنیا الذی أعماه و أصمه كما جاء به المثل السائر: «حبك الشی ء یعمی و یصم» [14] .

و قال أمیرالمؤمنین علیه السلام: «من عشق شیئا أعشی بصره، و أمرض قلبه،



[ صفحه 246]



فهو ینظر بعین غیر صحیحة، و یسمع بأذن غیر سمیعة» [15] .

و هل مناظرة المأمون و قبله هرون مع الكاظم علیه السلام إلا لأجل الحصول علی الدنیا؛ تجد هرون قائلا لموسی بن جعفر علیهماالسلام: «أخبرنی یلم فضلتم علینا و نحن و أنتم من شجرة واحدة و بنو عبدالمطلب و نحن و أنتم واحد إنا بنوالعباس و أنتم ولد أبی طالب و هما عمان لرسول الله - صلی الله علیه و آله - و قرابتهما منه سواء؟ فقلت: نحن أقرب، قال: و كیف ذلك؟ قلت: لأن عبدالله و أباطالب لأب و أم، و أبوكم العباس لیس هو من أم عبدالله و لامن أم أبی طالب...». [16] .

و الكل یدری أن الأحق حق بالخلافة هم الأئمة علیه السلام لأنهم قد اجتمعت القرابة القریبة لهم مع الطهارة الموهوبة و الفضائل التی تجمعت فیهم لایدانیهم من الناس دان و لایقاس بآل محمد من هذه الأمة و لاغیرها أحد لیس المحق كالمبطل، و لاالمؤمن كالمدغل... [17] .



[ صفحه 247]




[1] كنز الفوائد 166، البحار 242:25 و ج 49: 188 - 187.

لم أفق للرجوع إلي أمالي الشيخ المفيد طاب ثراه و استخراج ما نقله الشيخ أبوالفتح محمد بن علي الكراجكي المتوفي 449، رحمه الله تعالي، و بما أن الحكم أي حرمة زواج الرجل من كرائم الأسباط و الأحفاد ثابت كما يأتي التصريح في المتن قريبا بعد نقل رواية أبي الجارود عن الباقر عليه السلام مستدلا بآية التحريم لايبقي مجال للحديث.

[2] الأنعام: 38.

[3] الأنعام: 85 - 84.

[4] عيون الأخبار 69 - 68/1.

[5] آل عمران: 61.

[6] و لكن لم يختلف اثنان من الأمة و غيرها في أن المدعوين هم الحسن و فاطمة و علي عليهم السلام فاللفظ و إن كان عاما لكن الخارج يخصصه.

[7] النساء: 23.

[8] تفسير البرهان 357:1، تفسير الصافي 344:1.

[9] الكني و الألقاب 34:1 و قد كثر القول حوله و المسألة كما في المتن لاتفتقر إلي التوثيق.

[10] معجم مقاييس اللغة 125:1، في (أكم).

[11] مجمع البحرين في (أكم).

[12] في اللسان: جمع الإكام أكم، مثل كتاب و كتب و جمع الأكم: آكام مثل عنق و أعناق. في (أكم).

[13] النهاية 59:1، في (أكم).

[14] مجمع الأمثال 196:1، حرف الحاء، الأمثال النبوية 348:1، رقم المثل 233.

[15] النهج 200:7، الخطبة 108.

[16] عيون الأخبار 67:1.

[17] النهج 117:15، كتاب 17.